ماجدة محيى الدين (القاهرة)
أطلق على «الكلب» لقب أفضل صديق للإنسان، لأنّه يتصف بالوفاء، ويمتلك قدرة عالية على تذكّر صاحبه حتّى لو انقطع عنه فترة زمنيّة طويلة، وللكلاب سلالات وأصناف عديدة أهمّها كلب الصيد وكلب الرعي، وكلب الحقول، إضافةً إلى الكلب المرافق للمكفوفين وكلب الحراسة.
الكلب يعتبر أوّل الثدييات التي استطاع الإنسان ترويضها، وقد عثر على هياكل لعظامها في مناطق مختلفة من العالم منها: اليابان، والدنمارك، والصين، وإنجلترا، إضافةً إلى مجموعة من التماثيل والتي كانت عبارة عن هيكل بجسم إنسان ورأس كلب، وأبرزها التمثال الذي عثر عليه في مقبرة توت عنخ آمون الفرعونية بمنطقة الأهرامات.
تستخدم الكلاب لغة الجسد للتواصل فيما بينها، تتضمّن تعابير معّينة للوجه وتحريكاً للذيل، إضافةً إلى فرد الأذنين عند الوقوف، فعلى سبيل المثال عندما يشعر الكلب بالخوف، فإنّ وقوف شعر جسمه يشكل مؤشراً على خوفه أو انزعاجه، وعندما يكون عدوانياً يُظهر أنيابه ويعمل على إرخاء أذنيه وينصب ذيله، وتعيش الكلاب فترة زمنية تتراوح ما بين ثماني إلى اثنتي عشرة سنة.
وقد ورد ذُكر الكلبُ في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع، كوسيلة للصيد في الآية الرابعة من سورة المائدة في قول الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَاب)، «الآية 04».
ومعنى هذا أن الله تعالى لم يحرِّم على المؤمنين شيئاً من الطيبات، وإنما حرَّم عليهم الخبائث، وأضاف إلى ما هو حلال نوعاً آخر هو أَكْلُ ما وقع صيدُه بواسطة الكلاب المدربة التي أُدِّبَتْ وعُلِّمَتْ الاصطياد.
وفي الموضع الثاني ذُكِر كأحد الحيوانات ذات السُّلوك الطبيعي والسِّمات الجسدية المميزة، في الآيتين السادسة والسبعين والسابعة والسبعين بعد المئة من سورة الأعراف في قوله جلَّ شأنه: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ * ولَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون)، «الآيات 175 - 176».
أما الموضع الثالث فقد ذُكِر فيه الكلب كأحد الحيوانات الأليفة التي ترافق الإنسان من خلال قصة الكلب الذي اشتهر برفقتهِ لأصحاب الكهف الذين ذكرهم الله جلَّ شأنه في الآيتين الثامنة عشرة والثانية والعشرين من سورة الكهف، في قوله تعالي: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)، «الآية 18»، وقوله جلَّ شأنه: (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً)، «الآية 22».